أثار الخروج الاعلامي الأخير للتجمعي محمد أوجار، الوزير الأسبق في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، والسفير الحقوقي السابق في جنيف، جدلا كبيرة وردود أفعال غاضبة لدى اليساريين و على الخصوص رفاق إدريس لشكر، عقب اتهامهم لليساريين بـ”السطو” على مؤسسات الحكامة، وذلك في إشارة مباشرة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين (لحبيب المالكي)، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان (آمنة بوعياش)، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي (أحمد رضى الشامي)، والمندوبية السامية للتخطيط (أحمد الحليمي)، و “الهيئة الوطنية لمحاربة الرشوة والفساد”(محمد بشير الراشدي)، حيث اعتبر أوجار هذه التعينات مثيرة للتساؤلات حول استقلالية تلك المؤسسات.
من جانبهم اختار الاتحاديون اعتبار”يسارييهم” المعنيين بكلام أوجار المستفز، حيث سارعوا للرد عليه رسالة أختاروا لها عنوان ” أوجار بين الحكامة والسندان”، والتي نشروها هذا اليوم الثلاثاء على الموقع الالكتروني لحزب”القوات الشعبية”، حيث شدد رفاق لشكر في جوابهم، على أن الوزير التجمعي الأسبق في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، والسفير الحقوقي السابق في جنيف” لا ينشغل بالدرجة الأولى بـ”التطهير الأيديولوجي” للمؤسسات المسماة مؤسسات الحكامة”.
و أوضح الاتحاديون في ردهم القوي بأنهم” لا يتصورون أوجار أنه غير معني، بالدرجة الأولى،بالصبغة اليسارية لمن يتحملون مسؤوليتها، بقدر ما يهمه الحرص على “الاختصاص الترابي” للحكومة، والسعي إلى جعلها، طوبوغرافيا، مترامية الاختصاصات تضم مسالك الحكامة الخاضعة، في التقدير الدستوري، إلى سلطة الملك.وتقع، بالضرورة في المنطقة ما بين شرعية التعيين وشرعية الانتخاب، أو في خليج الارتطام بينهما”.
وزاد الاتحاديون في “هجومهم” على أوجار، بأنه” استغرب بطريقة أقل ما يقال عنها أنها مستفزة، من أن تكون كل هاته الطاقات على رأس هاته المؤسسات، خارجة عن نطاق الاقتراع، وتخضع للتقدير الملكي في إسناد المسؤولية. وعليه، فالمتحدث، وهو قيادي رفيع المستوى يَزن كلامه ويعبر عن “الخلفية التنظيرية” لحزب التجمع الوطني للأحرار، ولو أنه تنظير جاء بعد التأسيس (وهي عملية تتجدد باستمرار حسب الشعارات التي تقتنع بها الدولة، من تراث التيار التقدمي والديمقراطي الاشتراكي في المغرب ويرفعها الحزب من بعد).
وشدد رفاق لشكر وهم “يقطرون الشمع” على التجمعي أوجار، بأنه” من سوء حظ القيادي والوزير السابق والسفير أن التقت الإرادة الملكية مع الكفاءة الاتحادية، ولهذا صعب عليه أن يدوس الثانية (الكفاءة) بدون أن يضع الأولى (الإرادة) في موضع المساءلة، ويقلل من التوقير الواجب دستوريا للإرادة الملكية، دون أن يشعر الاتحاديون واليساريون أنهم”الحائط الإيديولوجي القصير” وبالتالي يرتكب المحظور! “.
هذا و لم يسلم وزراء تجمعيون آخرون من مدفعية الاتحاديين، حيث جاء في رسالتهم لأوجار، بأن تصريحاته “تتلاءم مع نزوع استعلائي مغرور عبَّر عنه وزراء آخرون، ومنهم بالذات لحسن السعيدي ومصطفى بايتاس، الأول بالحديث عن تفويض شعبي، لم يسبق أن ادعاه أي في المغرب، مؤسساتٍ وأفرادًا، والثاني بالتعبير عن الاستفراد بالجهاز التنفيذي بمنطق “تغولي” يحكم الحزب الواحد عادة”.
واتهم الاتحاديون، التجمعي أوجار عن حزب رئيس الحكومة أخنوش”بتجريد المسؤولين في مجالس الحكامة التي استهدفها، الصفة المؤسساتية عنهم، والتي حصلوا عليها بموجب التعيين الملكي، وهو تعيين أسقط صفتهم الإيديولوجية، عند التدبير، ومن ثمة فالسيد أوجار يعيدهم إلى انتمائهم الإيديولوجي لكي يبرر محاكمتهم والتشكيك في حيادهم المؤسساتي المطلوب، ودليله في ذلك تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول حقيقة البطالة المتفشية في أوساط الشعب المغربي”، فيما أردفت رسالة الاتحاديين، بأن ” مبرر أوجار هو أن ” الإنسان لا يمكن أن ينفلت من ثقافته وجلده وممارسة حياته كلها وهو يساري “.
و أنهى رفاق لشكر ردهم القوي، بجمل ساخرة من قيادي حزب رئيس الحكومة، حين اعتبروه “المثال المضاد لما أعطاه من مثال بخصوص من جرى تعينهم بمؤسسات الحكامة”، حيث لفت الاتحاديون إلى أن الوزير السابق أوجار، نفسه (سيرة وقناعات بطبيعة الحال)، عرفه السياسيون يساريا لا تلين له شوكة، مبالغا في قناعاته الطبقية، راديكاليا على الطرف الأقصى من واقعيته الحالية، ومع ذلك لم يبق من ذلك الفتى المشاغب والثوري، سوى نشيد الليبرالية الديمقراطية الاجتماعية التي لا ترى نفسها إلا في مناصب التسيير والمسؤولية الحكومية، ذلك أن الليبرالية، تضيف رسالة الاتحاديين لأوجار، “ليست موجودة للمجتمع أو للدولة، بل للحكم فقط لا غير”.