يتواصل الجدل حول مشروع قانون المالية رقم 60.24 للسنة المالية 2025 ، والذي نجحت الحكومة مدعومة من قبل أغلبيتها بمجلس النواب في تمريره خلال الجلسة العمومية ليوم الجمعة الماضية في انتظار نتيجة نفس “المعركة” بمجلس المستشارين، حيث هددت حينها المعارضة بمجلس النواب باللجوء إلى المحكمة الدستورية للطعن في مقتضيات اعتبرتها المعارضة “غير دستورية”، جاءت في مشروع المالية للعام المقبل، فيما تواصل لائحة الغاضبين على هذا القانون اتساعها بعدما ضمت شغيلة قطاع الصحة العمومية و المقاولات الصغرى والمتوسطة والحرفيين و صناع المحتوى الالكتروني وصولا إلى المحاسبين المعتمدين.
وفي هذا السياق أصدر المحاسبون المعتمدون عبر “تنسيقيتهم الوطنية”، بلاغا كشفوا من خلاله عن ورود غرامات مالية غير مسبوقة بقانون المالية في مواجهة مهنيي هذا القطاع، وهو ما عبر عنه المحاسبون الغاضبون في بلاغهم، “بحالة القلق و الترقب” التي يعيشونها في انتظار وفق تعبيرهم” ما ستسفر عنه نتائج التصويت بمجلس المستشارين على مشروع قانون المالية لسنة 2025، في جانبه المتعلق بالمادة 206 مكرر و التي تتضمن فرض غرامات مالية تصل إلى 1000 درهم في حال ارتكاب أي خطأ أو ملء معلومات ناقصة تتعلق بتسجيل عقد أو اتفاق عبر البوابة الخاصة بالمديرية العامة للضرائب”.
و أوضح بلاغ تنسيقية المحاسبين المعتمدين، بأن ” الاجراء الاستثنائي الذي حملته المادة 206 من مشروع قانون مالية 2025، يعتبر سابقة في تاريخ التشريع المغربي، لما يشكله من مخاطر على مهنيي القطاع و الذين باتوا مهددين بتغريمهم بسبب ارتكابهم أخطاء في تسجيل المعلومات”، لافتين انتباه الجميع إلى أن “وزارة الاقتصاد و المالية بررت هذا التغريم برغبتها في الحصول على قاعدة بيانات دقيقة وخالية من الأخطاء”، فيما اتهموا نفس الوزارة في مقابل ذلك” بالبحث عن اعذار لتحصيل الذعائر والغرامات والزيادات وصوائر التحصيل””، وحجتهم على ذلك هي أن “الإدارة تملك كل الامكانيات التكنولوجية و البشرية لاكتشاف الأخطاء وتسهيل عملية التصحيح على المهنيين، لكنها ارتأت أن تقتصر على فرض العقوبات المالية”.
ووصف المحاسبون مقتضيات المادة 206 في مشروع مالية 2025، بأنها جاءت “حاملة لتدابير عقابية في حق المهنيين ، زيادة على انها غير دستورية بحيث تصادر الحق في الطعن أو الشكاية لدى الإدارة”، فيما تساءل المحاسبون حول إمكانية اشهار وزارة المالية لذات التدبير في حق موظفيها اذا امتنع المهنيون عن القيام بإجراء تسجيل العقود، خصوصا في غياب تقنية التسجيل الإليكتروني ؟ حيث نبه المحاسبون في هذا السياق إلى ما أسموه “بصعوبة الحصول على المعلومات الضرورية التي تشير إليها المادة 206 مكرر في مشروع قانون مالية 2025 (كرقم الملكية والمساحة وطبيعة العقار) وخاصة بالنسبة لتسجيل عقود الكراء، مشددين على أن هذه المادة “ستثير الخوف من الإقدام على عمليات تسجيل العقود لأن غياب المعلومة وصعوبة الحصول عليها سيجعل المحاسب المعتمد يفضل ان لا يقوم بعملية التسجيل عوض أداء غرامة 1000 درهم عن كل عقد به أخطاء.
من جهة أخرى احتج المحاسبون المعتمدون على “رغبة الإدارة في استخلاص الغرامات بشكل فوري، وذلك دون اتباع أي مسطرة قانونية”، حيث اعتبروا ذلك “خرقاً سافرا للدستور المغربي الذي يكفل حق الدفاع لكل من لم يرقه قرار إداري صادر ضده”.
هذا وهدد المحاسبون المعتمدون، بلجوئهم عبر تنسيقيتهم الوطنية إلى تبني خطوات احتجاجية لإسقاط المادة 206 من مشروع مالية 2025، حيث يطالبون بحسب ما ورد في بلاغهم، بتمكينهم من “عرض مقترحهم على مستشاري لجنة المالية و التخطيط بالغرفة الثانية “، فيما يعتزمون “مقاطعة عمليات تسجيل العقود”، مشددين على “ضرورة اعتماد الحوار في التعاطي مع التشريعات الجديدة، لضمان تحقيق التوازن بين مصلحة الإدارة وحقوق المحاسبين المعتمدين دون المس بحقوق الملزمين”.