برج”سيدي بونافع”، أحد أشهر الأبراج التي شيدت بمدينة فاس على عهد السلطان السعدي احمد المنصور الذهبي سنة 990 هجرية، بغرض حماية المدينة من التهديدات الأجنبية خاصة منها العثمانية، حيث تفيد المصادر التاريخية بان البرج ساهم في عملية بنائه أسرى برتغاليون، مما اكسبه طابعا هندسيا ومعماريا أوروبيا.
واستنادا الى المصادر التاريخية لموسوعة مدينة فاس، فان تسمية “برج سيدي بونافع”، تعود إلى احد الولاة الصالحين دُفن بجوار البرج، والذي حوله السعديون الى طوق دفاعي عن المدينة في أوقات الاضطرابات، يوجد تحت أسواره ينبوع ماء شكل حوضا، حيث كان يستعمله سكان فاس الجديد منذ سنة 1917 كمغسل، وهو ما أكدته شهادات متطابقة لسكان عايشوا هذه الفترة وما بعدها بسنوات، حين كانت النساء من سكان فاس المسلمين واليهود، تستخدم بعض الفتحات التي يبدو أنها منافذ بأسوار البرج العالية توضع فيها المدافع، لسحب المياه عبر إلقائهن لحبال طويلة مربوطة بإناء طيني، فيما أكدت روايات أخرى بان حوض البرج كان المزود الرئيسي لحاجيات حي الملاح بفاس الجديد من المياه التي كان من يطلق عليهم أهل فاس قديما”الكرابة أو سقاة الماء ” يقومون بنقلها الى مساكنهم على ظهر الحمير، وذلك نظرا لضيق الأزقة والدروب.مع مرور السنين والأزمنة، تحولت أسوار برج “سيدي بونافع”، والذي شكل قديما أهم حصون الحزام الدفاعي عن”فاس الجديد” على غرار الأبراج التي تحمي المدينة العتيقة،(تحولت) الى أسوار متداعية بعد أن تناسلت فيها الشقوق، وهو ما تطلب تدخلا ملكيا في مارس 2013، لترميم البرج ضمن المواقع التاريخية والأثرية بمدينة فاس، والتي خضعت مؤخرا لعمليات ترميم واسعة من اجل تأهيلها ورد الاعتبار لها في إطار الصورة الجديدة التي أرادها الملك لمآثر العاصمة العلمية، بعد أن أعطى انطلاقتها في الرابع من مارس 2013، رصد لها غلاف مالي قدره 285,5 مليون درهم.
في منتصف يونيو2016، وعقب تعثر أشغال الترميم والتي تطلبت سنتين، زار الملك محمد السادس، 13 موقعا من مجموع المواقع التاريخية الـ27 والتي خضعت لأشغال الترميم والتجديد بالمدينة العتيقة، منها برج”سيدي بونافع”، والذي كان السبب في الغضبة الملكية على وزراء حكومة بنكيران والسلطات المحلية بفاس ليلة خطاب المسيرة الخضراء بالقصر الملكي بفاس في السادس من نونبر 2014، بعد أن وقف الملك خلال زيارة مفاجئة له للبرج القريب من القصر الملكي بفاس الجديد، على تأخر أشغال ترميمه بعد مرور سنة عن إطلاق المشروع الملكي، حيث تدخل حينها مستشار الملك عالي الهمة والذي قضى بفاس ليلة بيضاء عقب خطاب المسيرة 2014، جمع فيها كل المتدخلين المعنيين بالاتفاقيتين الموقعتين في مارس 2013 أمام الملك، حيث نجح الهمة في تحريك المياه الآسنة بمشروع ترميم مآثر فاس التاريخية والتي انتهت صيف 2016، فيما يزال “برج سيدي بونافع” والذي قرر الملك تحويله الى متحف، يراوح مكانه، حيث ما تزال أبوابه مغلقة حتى الآن، فيما أفادت مصادر قريبة من الموضوع لـ”أخبار اليوم” بان الأجنحة المخصصة للمتحف ببناية البرج، مازالت خالية من التحف بالغة الأهمية من الناحية التاريخية والأثرية والإثنوغرافية والتقنية والجمالية، والتي قيل بأنها ستؤثث المتحف للتعريف بحقب تاريخية مهمة مرت منها الحاضرة الادريسية بداية من عصور ما قبل التاريخ إلى بداية القرن العشرين.