بعد أزيد من العام حتى الآن، يواصل نشطاء ما بات يشتهر إعلاميا “بحرك مياه الشرب” بمدينة فكيك، مصرين على الاحتجاج إلى غاية تلبية مطالبهم؛ إذ تعيش هذه المدينة منذ بداية سنة 2024 احتجاجات شبه يومية قادتها بقوة لافتة نساء المدينة قبل أن يلتحق بهن ذكورها، رفضا منهم كما يقولون لتفويت مياه الشرب والسقي لفائدة شركة الشرق الجهوية متعددة الخدمات، حيث اتهموا السلطات بعمالة بوعرفة بقطبها في ولاية الجهة بوجدة ومصالح وزارة الداخلية في الرباط، بالسعي لفرض هذه الشركة بالقوة ضدا على سكان هذه المنطقة الحدودية للتحكم في مياههم وبيعها لهم.
وفي تطور جديد لاحتجاجات ساكنة فجيج، فقد تظاهروا مساء هذا اليوم الجمعة 14 فبراير الجاري بالساحة العمومية حيث يوجد مقر جماعتهم وكذا باشوية السلطات المحلية، إذ وجهوا هذه المرة سهام انتقاداتهم وشعاراتهم الهدارة، إلى رئيس الحكومة عزيز أحنوش والذي طالبوه بالرحيل معية حكومته التي نعتوها “بالفاشلة” و “المتجبرة”.
وبموازاة مع شعاراتهم المناوئة لحكومة أخنوش وعامل بوعرفة، والتي كسرت صمت يوم الجمعة بهذه المدينة، شدد المحتجون على رفضهم المطلق لشركة الشرق الجهوية التي يتهمونها بالسعي للتحكم في مياه الشرب والسقي بواحة فجيج، معلنين مواصلة التظاهر حتى الاستجابة لجميع المطالب المرفوعة، وعلى رأسها الغاء عملية تفويت المياه لهذه الشركة.
و تأتي احتجاجات “الطنطنة”، بعد فشل مبعوث عبد الوافي لفتيت، العامل مدير الشبكات العمومية المحلية بالمديرية العامة للجماعات الترابية بنفس الوزارة، مصطفى الهبطي، والذي حل في مارس 2024 بمدينة بوعرفة معية والي وجدة، بغرض نزع فتيل احتجاجات سكان فكيك و اقناعهم بخدمات شركة الشرق الجهوية متعددة الخدمات، لتزويدهم بالماء الشروب، لكن ممثلي”حراك المياه بفكيك”، والذين مثلوا ساكنة المدينة ضمن الفعاليات الجمعوية في لقاء وزارة الداخلية احتضنه حينها مقر عمالة بوعرفة، قرروا آنذاك التمسك بمواصلة الاحتجاج والاعتصام المفتوح بالساحة المحاذية لمقر جماعة المدينة، احتجاجات كما يقولون على عملية تفويت مياه الشرب والسقي لفائدة شركة الشرق الجهوية وذلك في خرق سافر للقانون وفي تهديد واضح للأمن المائي”، حيث يبدو أن محتجي فكيك لم يقتنعوا بكلام مبعوث لفتيت وتطميناته بخصوص عمل الشركة لتزويدهم بمياه الشرب، و ذلك بعدما شدد نفس المسؤول عن عدم تدخل الشركة في مياه السقي.
هذا وسبق لعدد من الأحزاب السياسية و في مقدمتها حزب التقدم والاشتراكية، بأن نبهوا من تداعيات مصادقة حكومة أخنوش نهاية يناير 2024، على مشروع قانون يقضي بإحداث شركات جهوية متعددة الخدمات، يعهد إليها توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء وتطهير السائل، والإنارة العمومية عند الاقتضاء، حيث اعتبر رفاق نبيل بن عبد الله، هذا التفويت، بأنه”مساس بخدمات عمومية حيوية واستراتيجية، وما قد ينتج عنها من مخاوف مجتمعية حقيقية جراء التوجه الحكومي نحو تبضيع خدماتٍ أساسية تندرج ضمن إطار المرفق العمومي الذي لا يَــــحتمِــــلُ التفويتَ بأيِّ شكلٍ من الأشكال”.
ويرنو القانون المحدث للشركات الجهوية المتعددة الخدمات و الذي أعدته وزارة الداخلية، إلى إحداث 12 شركة جهوية مساهمة سيعهد إليها بتدبير خدمات توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، و كذا الإنارة العمومية عند الاقتضاء، حيث يتوقع المتتبعون بأن، يثير هذا التحول في تدبير حاجيات المغاربة في مجال مياه الشرب، جدلا و مخاوف مجتمعية من مصير هذه المادة الحيوية، خصوصا أن قانون وزارة الداخلية المحدث للشركات الجهوية الخاصة، قام بحصر دور المكتب الوطني للكهرباء والماء في إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب لفائدة المدبرين لهذه المرافق على الصعيد الترابي دون أن يكون له حق التدخل في هذه الخدمات العمومية الحيوية والاستراتيجية.