زرت قريبا لي بمدينة كبرى فوجدت ان اسم المؤسسة التي يدرس فيها أبناؤه قد تغير فجأة من اسم عربي إلى آخر فرنسي، وذلك في إطار سياسة التسويق التي أصبحت تنهجها بعض مؤسسات التعليم الخصوصي مع كامل الأسف حين تلجأ إلى تغيير أسمائها من أسماء وطنية تعكس تاريخ البلد وحضارته الى أسماء أجنبية، وغالبا ما يتم هذا الامر عند إحداثها أو بعد تغيير مالكها ،
وإذا كان هذا المسعى في التسويق يعكس هزيمة نفسية قبل الهزيمة التربوية فإن السؤال المركزي الذي يطرح نفسه بحدة هو :
إذا كانت الدولة حريصة على تدقيق الأسماء التي سيحملها أطفال المغرب في سجلات الحالة المدنية ، وتضع مساطر دقيقة لتسمية الشوارع في المدن والحواضر حرصا على استمرار النموذج الحضاري المغربي وصيانته وترسيخ هويته الدينية والثقافية، فهل تملك القطاعات الحكومية الوصية على مختلف مكونات المنظومة التربوية من جامعات ومؤسسات للتكوين وأكاديميات ومديريات اقليمية دليلا للاسماء التي ينبغي التقيد بها في تسمية المؤسسات التربوية والتعليمية عند إحداثها أو تغيير مالكها ؟
فاسم المؤسسة هو أول رسالة يتلقاها المتعلم وهو يلج إليها، ويحملها في هويته التربوية من شهادة التسجيل إلى شهادة النجاح ، ولا شك أن هذا الإسم سيكون مناسبة لتعرف التلاميذ والمتكونين والطلبة والأسر وكل العاملين بالمؤسسات التعليمية على شخصيات الوطن الدينية والثقافية و معالمه الحضارية المتنوعة ،
أتمنى أن تبادر القطاعات الحكومية الوصية الى إعتماد دليل لأسماء المؤسسات التعليمية ، ووضع مساطر دقيقة لقبول الاسماء المقترحة واعتمادها عبر لجن استشارية تضم مختصين في الدين والثقافة والتاريخ والتربية والحضارة والفن والتواصل، أسماء ينبغي أن ترسخ خصوصيات البلد الوطنية الدينية والثقافية والحضارية وتعزز انتماءه للأمة طبقا لمبادئ الدستور ،
ثم تحيين أسماء المؤسسات التعليمية في مختلف مكونات المنظومة في ضوئه ، للحد من فوضى الأسماء والحد من هذه الموجة التغريبية التي أخذت تكتسح الفضاء التعليمي ، وتفاديا لكل ما يمكن أن يخالف الرسالة الرمزية الوطنية النبيلة للمؤسسات التعليمية المغربية، وإبعاد لها عن عقلية التجارة ومنطق التسويق المادي الذي يتوهم صاحبه الربح دون أن يدري أنه يوقع الوطن برمته في الخسارة ،