بعد تأجيلات متواصلة بغرفة جرائم الأموال الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بفاس والتي تنظر حاليا في الفضيحة المالية والإدارية” والتي هزت قبل عطلة صيف 2024 أعلى سلطة إدارية بجهة فاس- مكناس، وذلك عقب خروج قضية رئيس مصلحة الميزانية والصفقات إلى العلن على عهد الوالي السابق سعيد ازنيبر، بناء على شكاية تقدمت بها في مواجهته الوكيل العام للملك وشركة ممون الحفلات وصاحب مطعم مشهور بمدينة فاس، اتهمه فيها المشتكي”بالتلاعب”في مستحقات مالية لصفقة عمومية همت إطعام القوات العمومية خلال مرحلة جائحة كورونا، (بعد التأجيلات)أخيرا تمكنت المحكمة بجلسة يوم أمس والتي استمرت حتى يوم متأخر من مساء نفس اليوم، من فتح ملف مسؤول مصلحة الميزانية عبد العزيز جاسور ومن معه.
الشوكلاطة و الصفقات الوهمية للإطعام تخطف الصدارة :
شرعت المحكمة بجلسة يوم أمس الثلاثاء 18 فبراير الجاري والتي مثل أمامها في حالة اعتقال رئيس مصلحة الميزانية بولاية جهة فاس،عبد العزيز جاسور معية مقاولين، فيما حضر في حالة سراح ابن جاسور وتقني وكاتبة و 22 شاهدة وشاهد من مصرحي محاضر الشرطة :،(شرعت)في الاستماع للمتهمين في هذه القضية،والتهم “تبديد واختلاس أموال عامة”و”التزوير”و”إقصاء متنافسين”و”استغلال النفوذ”؛ يواجهها المتهم الأول الرئيس في هذه القضية، بينما وُجهت إلى باقي المتهمين كل حسب المنسوب إليه، تهما تتعلق بـ”الارتشاء”و”المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عامة”،و”المشاركة في تزوير وثائق عرفية ورسمية واستعمالها” و”إقصاء متنافسين”.
البداية كانت مع المتهم الرئيسي رقم 2 بعد عزيز جاسور، وهو المقاول خالد بوشبتي الذي يدبر في نفس الوقت شركة ثانية في إسم زوجته، حيث بدا من خلال محاضر المحققين و الأفعال التي عرضها عليه رئيس هيئة الحكم بغرفة جرائم الأموال الابتدائية،محمد اللحية، (بدا) أكبر المهيمنين على الصفقات و التوريدات التي تسببت في فضائح النزيف المالي بميزانية ولاية جهة فاس وعمالتها، حيث كشفت عملية استنطاق المحكمة للمقاول خالد بوشبتي، بأن الشوكلاطة و أطباق الإطعام تصدرت الصفقات التي أحدثت ثقوبا في الميزانية، عن طريق اختلاس و تبديد أموال جد كبيرة.
وواجه نفس المتهم، عددا من الصفقات الوهمية التي استفادت منه شركته، والتي تنشط في كل شيء، حتى تهيمن على الصفقات والطلبيات التي تحصل منها عن رئيس مصلحة الميزانية المعتقل، حيث كشفت معطيات التحقيق عن استفادة هذه الشركة من أزيد من 900 مليون سنتيما خلال سنة واحدة (2020-2021).
والمثير هو أن هذا المقاول، شدد في أجوبته للمحكمة على أن شركته كانت تتسلم الطلبيات لولاية الجهة، قبل أن يناقض نفسه باعترافه عن تسلم الصفقات من شركات المناولة، فيما تشبث بعدم تذكره للصفقات التي حصلت عليها شركته من مصالح ولاية جهة فاس، والتي كانت أغلبيتها تتم ضمن عقود وهمية بحسب ما واجهه بها القاضي محمد اللحية، فيما اعترف نفس المتهم بتسليم مبالغ مالية (الكاش)للمتهم الرئيسي رئيس مصلحة الميزانية المعتقل عبد العزيز جاسور، منها سلفات جرى تبريرها بعد ذلك بأداء مستحقات محل يبيع الشوكلاطة، فيما واجه صاحب الشركة الصعاب في الرد على أسئلة القاضي.
شريك ابن جاسور يتراجع عن تصريحاته :
فاجأ المقاول المتهم والمتابع في حالة اعتقال، عبد الهادي بعو، الجميع خلال جلسة محاكمته ليوم أمس الثلاثاء، بتراجعه عن تصريحاته التي قدمها للمحققين والوكيل العام للملك بفاس، حين اعترف بتسليم مبلغ 4 ملايين سنتيما كرشوة لرئيس مصلحة الميزانية المعتقل معه، وذلك خلال سنة 2021 مقابل حصوله على توقيع هذا المسؤول عن التنزيل المالي”décompte”يخص صفقة أنجزها نفس المقاول بحي الأطلس في فاس.
وحين سأل القاضي المقاول المتحدر من مدينة بولمان، بخصوص تراجعه عن اعترافه السابق بالرشاوى التي سلمها لجاسور بلغت حوالي 60 مليون سنتيما، أجاب المتهم المحكمة بقوله “الله إسامح للسي عزيز جاسور”، مما جعل القاضي يواجهه بملابسات إلحاقه لأبن رئيس مصلحة الميزانية والصفقات، صابر جاسور بشركته ومنحه نسبة 50 في المائة من رأس مال الشركة، وذلك بغرض الاستفادة من صفقات ولاية جهة فاس.
القاضي اللحية للمتهمين : خذوا المارشيات بالمنافسة .. مَاتْصَاحْبُوش مع المسؤولين:
بالنظر لحجم التلاعبات المالية والإدارية الخطيرة والتي تضمنها ملف مصلحة الميزانية والصفقات بولاية جهة فاس وعمالتها، عناوينها عقود وصفقات وهمية وتلاعب في التوريدات كلفت المال العام الملايين، شعر رئيس هيئة الحكم بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بفاس، القاضي محمد اللحية، بغصة كبيرة وهو يستنطق المتهمين خصوصا المقاولين منهم ممن جرى اختيارهم من قبل المتهم الرئيسي جاسور ومن يقف وراءه متسببين في نزيف مالي كبير،وهو ما جعل القاضي بدون أن يحس، يصرخ في وجه المتهمين مخاطبا إياهم بقوله: “خذو الصفقات بالمنافسة..ما تتصاحبوش مع المسؤولين للاستفادة من المارشيات”.
وبعدما تعذر على المحكمة استنطاق المتهم الرئيسي، عبد العزيز جاسور بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن الحي الذي توجد به المحكمة، وذلك بموازاة مع أشغال التهيئة الجارية بالمدينة، قررت المحكمة تأجيل الملف لجلسة 11 مارس المقبل.