تعاني جماعة الوليدية التابعة لدائرة الزمامرة إقليم سيدي بنور، الوجهة السياحية المعروفة بجمال طبيعتها وسواحلها الخلابة، (تعاني) من أزمة صحية خانقة تهدد صحة وسلامة سكانها وزوارها، ذلك أن المستوصف المتوفر بهذه الجماعة والذي يُفترض أن يكون مركزاً لتقديم الخدمات الصحية الأساسية، يعرف نقصا حادا في الموارد البشرية والمعدات الطبية، مما يجعله عاجزاً عن تلبية احتياجات المرضى، خصوصاً الحالات الطارئة.
و قد أعاد هذه الهشاشة التي يعانيها المركز الصحي للقرب بجماعة الوليدية، الحادثة المؤلمة التي جرت يوم الأربعاء الأخير 20 نوفنبر، حين تداول المواطنون مقطع فيديو يظهر شخصاً مصاباً في يده والدماء تتساقط منه، بينما كان المستوصف مغلقاً في وجهه، ورغم حذف الفيديو لاحقاً، إلا أن الواقعة أثارت موجة من الغضب، حيث عبر العديد من السكان عن استيائهم من الوضع الصحي المتردي في الجماعة، ذلك أن هذا الحادث ليس بالحالة الأولى من نوعها والتي فضحت و تفضح عجز المركز الصحي، بل تعكس واقعاً متكرراً يعاني فيه المواطنون غياب الخدمات الصحية الأساسية، ما يدفعهم إلى التنقل لمسافات طويلة نحو مدن مجاورة مثل آسفي والجديدة للحصول على العلاج.
مركز صحي خارج الخدمة لغياب الأطر الطبية و التمريضية
يعاني مستوصف الوليدية منذ سنوات من مشكلات بنيوية وتنظيمية تعمق أزمته. غياب الأطر الطبية دائم ومقلق، إذ غالباً ما يكون المستوصف دون طبيب مداوم أو طاقم صحي كافٍ، ما يجعل الاستجابة للحالات الطارئة شبه مستحيلة. كما يعاني المستوصف من نقص المعدات الطبية الضرورية مثل قارورات الأوكسجين وأدوات الإسعافات الأولية، إضافة إلى قِدم الأجهزة الموجودة وتآكلها. البنية التحتية غير مؤهلة تماماً لتوفير بيئة علاجية مناسبة، حيث المرافق الصحية قديمة ومتدهورة.
و في ظل هذه الأزمة، يطرح السكان تساؤلات حول مصير مشروع مستشفى القرب الذي أعلن عنه سابقاً في خميس الزمامرة. المجلس الجماعي كان قد خصص ميزانية تقدر بـ 250 مليون سنتيم على مدى ثلاث سنوات لتنفيذ المشروع حسب مصادر اخبارية . ومع ذلك، لا تزال الأشغال متأخرة، وسط غياب أي معلومات واضحة عن تقدم التنفيذ. الساكنة يتساءلون: هل تم فعلاً رصد الميزانية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما سبب التأخير؟ كما أن بعد موقع المستشفى الجديد عن الوليدية يثير قلقاً إضافياً حول مدى استفادة السكان من خدماته.
مواطنون يطالبون بتدخل الجهات المعنية
المواطنون في الوليدية يطالبون بتدخل السلطات المحلية والإقليمية على راسهم عامل سيدي بنور لتحسين القطاع الصحي. من بين أبرز المطالب: تأهيل المستوصف الحالي عبر إجراء صيانة شاملة للمرافق وتجهيزها بالمعدات الطبية الحديثة، وتوفير كوادر طبية دائمة من أطباء وممرضين لضمان تقديم الخدمات الصحية بشكل يومي، وتفعيل خدمات الطوارئ عبر تجهيز سيارات إسعاف حديثة وضمان الاستجابة الفورية، إضافة إلى تسريع تنفيذ مشروع مستشفى القرب وإنهاء الأشغال في أقرب وقت ممكن مع ضمان استفادة سكان الوليدية منه.
لا تقتصر أزمة القطاع الصحي على مستوصف الوليدية فقط، بل تمتد إلى مختلف مناطق إقليم سيدي بنور، حيث يعاني السكان من غياب البنية التحتية الصحية الكافية وضعف التجهيزات الطبية. هذا الوضع يتطلب استراتيجية شاملة من طرف وزارة الصحة، تشمل إصلاح المرافق الحالية وتوفير الموارد البشرية والتجهيزات الضرورية.
و قد أجمع سكان الوليدية و المرتفقين ممن يفدون على المركز الصحي، على أن “الوضع الصحي في الوليدية لم يعد يحتمل التأجيل أو التسويف، حيث طالبوا الجهات المعنية بقطاع الصحة مركزيا و إقليميا، بتحمل مسؤولياتهم لإيجاد حلول مستدامة وعاجلة لتوفير الخدمات الصحية بالوليدية، لا سيما و أن المنطقة تعتبر وجهة سياحية بارزة.