لا يشير الدستور المغربي إلى ازدواجية الجنسية ولا إلى حامليها، كما سكت عن امكانية تحمل صاحبها مسؤولية حكومية من عدمها، في بلدان أخرى تسقط الجنسية الأصلية عن صاحبها إذا ما حصل على جنسية بلد آخر ،وما بالك أن يتبوأ منصبا ساميا، لأن ازدواجية الجنسية تعتبر ازدواجية الولاء لا يمكن أن تحقق، فإما أن يكون ولاؤه لبلده الأم أو للبلد الذي اختار هو أن يكون من مواطنيه بمحض إرادته.
وكما تعتبر ازدواجية الشخصية مرضا سيكولوجيا، فإن ازدواجية الجنسية ينبغي أن تعتبر على الأقل قضية غير سوية قانونيا على الأقل بالنسبة للمسؤولين الساميين في جهاز الدولة.
فجل بلدان وقبل أن تسلم جنسيتها وجواز السفر الجديد يؤدي هذا المواطن الجديد اليمين الدستورية أمام القاضي أو رئيس المجلس المحلي أو الهيأة المكلفة بذلك، على أن يكون مخلصا لقيم ومبادئ البلد الجديد وأن يدافع عنه وووو….
والحالة هاته، كيف يمكن لمسؤول عال بالدولة المغربية أن يمثل بلده الأم أحسن تمثيل في مفاوضات مع البلد الذي يحمل جنسيته. إذن لمن سيكون إخلاصه؟ هل للبلد الذي أدى القسم أن يكون مخلصا له وللمبادئ التي ينص عليها دستوره، والذي يحمل جنسيته ؟ أو لبلده الأم الذي هو مسؤول فيه ويمثله رسميا ؟ ولنضرب مثلا ملموسا.
إذا افترضنا أن وزير الصيد البحري عندنا، بمعنى أنه عضو في الحكومة المغربية التي اقترحها رئيس الحكومة والتي عينها جلالة الملك، كما ينص على ذلك دستور 2011 ، ويحمل الجنسية الفرنسية، ووقعت إشكالية حول الصيد البحري بين المغرب وفرنسا أو أي بلد من بلدان الإتحاد الأوروبي، فعلى مصالح من سيدافع ?! وكيف سيفاوض الطرف الآخر ؟ ! هذا في حين إن لم يكن يحمل الجنسية الإسبانية ووقع المشكل مع إسبانيا مثلا. فأين هي إذن السيادة المغربية ؟؟
مثال آخر. إذا افترضنا أن وزير المغاربة المقيمين بالخارج له جنسية هولندية، وحصل كما حدث في 2015 أو 2016 لمغاربة هولندا حول إشكالية التعويضات العائلية. فما سيكون موقف الوزير ؟ مع المغرب أو مع هولندا ؟ ! أو رجل هنا ورجل هناك ؟ !
مثال آخر. إذا افترضنا أن وزيرا مغربيا له جنسية أميركية. وحدث أن قام بعمل ما، فيه إخلال بالقانون المغربي أو استهتار بمسؤولياته، واستوجب اعتقاله أو حبسه أو…ثم تدخلت الحكومة الأميركية مطالبة بإطلاق سراحه فورا. فما سيكون موقف المغرب في هذه النازلة ؟ وقد وقعت بالفعل حادثة في العراق شبيهة بهذا المثال، حيث كان وزير الكهرباء في إحدى حكومات الإحتلال ، قد اختلس أموالا ، وأرادت الحكومة العراقية (على علاتها) اعتقاله، لكن الطائرات الأميركية كانت أسرع منها وهربته. وهو الآن يعيش مرتاحا في أميركا.
في بعض دساتير الغرب وخصوصا أميركا، فإن الدولة ملزمة بحماية كل مواطنيها سواء داخل الأراضي الأميركية أو خارجها.
هل يجوز مثلا لرشيدة داتي وزيرة العدل السابقة في فرنسا (حكومة ساركوزي) أن تعين وزيرة بحكومة مغربية ؟ أو نجاة بلقاسم وزيرة التربية الوطنية في الحكومة الفرنسية السابقة، حكومة الرئيس هولاند، مثلا ؟ أو حتى عمير بيريتس وزير الحربية السابق في إسرائيل، هل يجوز له أن يكون وزيرا في حكومة مغربية، مثلا ؟ علما أن الدستور و القانون المغربيين لا يسقطان الجنسية المغربية عن صاحبها مهما كان.
و لأن وبقوة الدستور أو القانون ليس هناك ما يمنع من تعيينهم وزراء في أي حكومة مغربية… ولكن ما يضمن ولاءهم للمغرب ؟ !
وكلنا على علم بالسابقة التي جرت في هذا الباب حينما بلغت وقاحة أو إستهتار شخص معين كان عضوا سابقا في حكومة سابقة وفي وزارة سيادية أن تجرأ على طلب جنسية دولة أوروبية، فما كان من جلالة الملك إلا أن عزله حينا. وما رأي فقهائنا الدستوريين في مغربي يحمل جنسية أجنبية لبلد ما وعين سفيرا للمغرب في هذا البلد ؟ إلى من سيكون ولاؤه ؟ إلى بلد الإقامة بلد التجنس، أم البلد الأم أي المغرب ؟ وما يضمن أن لا يجنده البلد الحامل لجنسيته بالإكراه أكان ترهيبا أو ترغيبا أو بمحض الإرادة ؟ !